أساليب الشاباك جهاز الامن الصهيوني في نزع المعلومات
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أساليب الشاباك جهاز الامن الصهيوني في نزع المعلومات
العاهرات والعصافير ( العملاء داخل السجن)
الكاتب : د . سمير محمود قديح
إن هذه الحكاية هي إحدى حكايات آلاف المخدوعين ، و قصة من قصص ألوف من الضحايا الذين لم تجد مآسيهم من يسطر أحداثها إلا القليل ، و إن اشتركوا مع صاحب القصة في ضرب رؤوسهم بالجدران ، وفي صوت بكائهم يقطع صمت الزنازين بعد أن يقطع نياط القلوب . ولو كانت المأساة نتيجة ضعف الوعي الأمني لكان العلاج سهلاً ، لكن و كما سنرى في هذه الحكاية أن الأمر أبعد من ذلك ، لذا فإنني أرى علاجه من زاوية أشمل تضيف الى البعد الأمني بعداً آخر هو البعد الإيماني و يتركز في ضرورة مجاهدة النفس و تدريبها على الجوع بالصيام و السهر بالقيام و العزلة بالخلوة بالرب و التفكر في خلقه ، و الصمت بضبط اللسان و التخلص من آفاته . و لعل أبرز آفات اللسان هي إفشاء السر ، فما الذي يدفع الأخ على إفشاء سر أخيه أو إخوانه ، بغض النظر إن كان لحق بهم ضرر أو لم يلحق. و لقد أعجبني الوليد بن عتبة في وصيته عندما قال : ' من كتم سره كان الخيار إليه، و من أفشاه كان الخيار عليه '، و عليه فإن إفشاء السر خيانة إن كان فيه ضرر ، و لؤم إن لم يكن فيه ضرر . فما الذي يدفع الأخ أن يكون لئيماً على الأقل أو خائناً أو غبياً مغبوناً ، وهو يقدم الأسرار في جلسة ودية أو تحت ضغط ؟ و ماذا ينتظر الأخ الأسير من أمور تقنعه بعدم إفشاء أسراره أو أسرار إخوانه ؟ هل ينتظر حتى يكون موجهاً أمنياً يعظ الناس في أمر العصافير أو المنافقين حتى يضبط لسانه ؟ و الغريب أن البعض كان يقوم بهذا الدور و مع ذلك وقع ، هل ينتظر حتى يرى مسلسلات في موضوع تصرفاتهم … ثم ما الذي يمنع أن يطوّروا وسائلهم فماذا سيكون رده ؟ . إن بيت القصيد يتركز في أن يشغل الإنسان لسانه بذكر الله و العيش معه و أن يقتدي بزكريا و مريم في سنّهما سنّة الصمت في موضعه ' إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ' ... إن الذي يقوي هذه الفضيلة – فضيلة الصمت – هو تقوى الله عزوجل حتى يرى الأخ الأسير الحق حقا و الباطل باطلاً ، فلا تعود الأمور تنطلي عليه ، أو تخدع ألاعيبهم نفسه و بذلك تلتقي التوعية الإيمانية مع التوعية الأمنية في تشكيل شخصية الأخ المجاهد اليقظ الفطن اللبيب . نبذة سريعة عن العصافير و آثارهم : قال الله تعالى في كتابه العزيز : ' و من الناس من يقول آمنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين * يخادعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون الا أنفسهم و ما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ' ' البقرة 8-10 ' لمّا كانت النسبة الأعلى من اعترافات المجاهدين و المناضلين و المعتقلين في التحقيق تنتزع عن طريق العملاء المنافقين الذين يسمّون ' بالعصافير ' … حيث أنهم يخدعون المجاهد المعتقل متظاهرين أنهم من المعتقلين و يعيشون في أجواء مصطنعة بنفس أجواء المعتقلين و يطبقون أنظمتهم و طرق إدارتهم لشؤون حياتهم لكي يسهل التأثير على المجاهد و يكسبوه ثقتهم حتى يتكلم هو بما عنده أو يطالبوه هم بذلك ، و بطريقة و أخرى يقع كثير من المجاهدين في حبائلهم الا ما رحم ربك . لقد أُسست غرف العصافير في السبعينيات ، و سنة بعد سنة ازداد دور هذه الثلة و ازداد تأثيرهم فتكاً بالمجاهدين ، مما انعكس سلباً على قوة و فاعلية الجهاد على أرضنا المباركة ، رغم كل ما نراه من آثار طيبة لهذا الجهاد . فكم من المجاهدين و كم من المجموعات و الخلايا و كم من القادة كشفوا و لم يكن يعلم بهم الا الله ، رغم الإعتقال و التحقيق و التعذيب … و كم من العمل الجهادي المميز كشف و هو في طور الإعداد له أو قبل اللحظات الأخيرة من تنفيذه ، و لم يكن كل ذلك بحذاقة و جهود ضباط المخابرات و التحقيق و لكن في كثير من الأحيان كان بسبب هذه الثلة التي باعت نفسها للشياطين . و لهذا و من واقع التجربة المرّة حيث كنت أحد الضحايا الذين غرر بهم ، ارتأيت أن أكتب قصتي عندهم ، و هي واحدة من مئات القصص التي حدثت عندهم في أي مركز من مراكزهم الملتصقة و التابعة للسجون ، أستصرخ من خلالها كل العاملين و المخلصين في هذا الشعب العظيم أن يعوا جيداً هذا الشرك ، و أن يأخذوا دورهم بتوعية الشعب بأكمله إن أمكن دون الخضوع لرهبة المحاذير من القيام بذلك ، فإياكم و الخداع . و العاقل السعيد من اتعظ بغيره ، و العبر كثيرة لكن العبرة فيمن اعتبر . و ليكن شعار كل مجاهد أنه ليس لأحد أن يطلع على سره حتى و ان كان أكبر مسؤول تنظيمي ، و أن لا يتنازل أي مجاهد عن هذا المبدأ تحت أي تبرير من التبريرات أو شعار من الشعارات . قصتي عند المنافقين ' العصافير' بعد أن تم اعتقالي أنزلت الى التحقيق .. جلس معي ضباط التحقيق جولات عديدة و طويلة .. استعملوا كثيراً من الأساليب النفسية الصعبة من تهديد ووعيد و تحبيب و ترغيب .. و استعملوا بعض أنواع التعذيب الجسدي .. و لا نتيجة .. تركوني وحيداً في أماكن معزولة عن البشرية بأكملها ، في ظروف تفتقر الى أدنى الخدمات الإنسانية كالشمس و الهواء أو الإنارة و الماء أو حتى مكان لقضاء الحاجة ، و لا حتى لون من ألوان الطبيعة على جدرانها ليريح النظر ،، لم أكن لأعرف أين أنا و لا ما هو الوقت و لا حتى أن تعرف ان كنت في الليل من النهار … و لا شيء يدعو للأنس أو الألفة .. وبرغم ذلك كله ( لم يأخذوا نتيجة حقيقية ) .. و لكن عندما أنزلوني عند هؤلاء الخون ' العصافير ' لبثت بينهم ما يقارب ال 25 يوماً في خيم معتقل مجدو ، كنت قد افترضت من بدايتها أنهم عملاء 'عصافير' فعلاً …! و لكن ما حصل على أرض الواقع كان مختلفا تماما … كان لدي من المدعمات و المعلومات عنهم قبل النزول عندهم ما كان من المفترض أن يقيني عند معاشرتهم لكن التعامل بحسن النية و بطيب القلب كانت أهم العوامل التي أعمت بصيرتي و تحوّلت إلى نوع من السذاجة ، بالإضافة الى عدم قول 'لا' بالجرأة اللآزمة عند الحاجة إليها تحت وقع الحياء من تعاملهم الطيّب و تآكل الصبر في ظلال المسرحية المحكمة التي مثلوها لي و أقنعـوني بنقائــهم و صدقهم من خلالها و أوقعوا بي فيها. أهم التفاصيل المتعلقة بحياة العملاء ' العصافير' و طريقة دخولهم الى ما يخص قضيتي . أولاً : حياتهم العامة و طرق إدارتهم لها : إن إدارتهم لشؤون حياتهم منظمة بدرجة عالية .. فهم يستيقظون كل يوم قبل الفجر بثلث ساعة ، يتهيأ خلالها الجميع للصلاة بإستثناء من لا يريد أن يصلي - و هم قلّة - .. يُأذِّنون لكل صلاة و يصلون في جماعة ، و بعد الفجر يعود الجميع للنوم الى حين العدد – أي عندما يأتي الجنود للتأكد من عددنا – فيقوم الجميع و يجلس جلسة عدد و يقومون بتغطية شاشة التلفاز … و هكذا ، أي بنفس نظام المعتقلين ، و بعد ذلك يتموا نومهم ، و في تمام الثامنة و النصف صباحاً يلزم الجميع بالإستيقاظ ، و تكون القهوة و الشاي بإنتظار الشباب ، و يجهز بعد ذلك في التاسعة الفطور و يجلس الجميع معاً على مائدة واحدة .. و بنفس النظام في وقت الغداء و العشاء .. مواعيد منظمة يلتزم بها الجميع . و يتم توزيع الأدوار و المهمات وفق توجيهات ما يدعى بموجّه القسم عندهم .. الذي يجلي ، الذي ينظف ، الذي المسؤول عن الدورة و الحمامات ، الذي يعمل في جهاز الرصد ، الذي يقوم الليل ملزماً بالحراسة على الشباب ، الذي يخرج الى الزيارات ، … الخ . و من المناصب الرئيسة التي سمعت بها بينهم : الأمير الأمني : إختصاصه فقط بالمواضيع الأمنية و الجلوس مع المعتقلين الجدد ، و له نائب يساعده و يناوبه و يقوم بدور تكميلي . موجه القسم : و هو المسؤول عن القسم و عن جميع المسؤولين فيه و يتدخل في وقت الأزمات . شاويش الخيمة : و هو المسؤول عن إدارة شؤون السرايا و احتياجاتها المختلفة . المردوان : و هو - كما عرّفوه - البريد التنظيمي بين الأقسام ، و هو الذي يحمل و يدخل كل احتياجات الشباب ، و يتابع مع الجنود كل ما يحتاجونه من السرية . الإمام : و هو المكلف بإدارة شؤون الإمامة و خطب الجمع و الدروس و المحاضرات . … فيما بعد الظهيرة يُلزم الجميع بإلتزام بُرشه – أي فراشه و مكان نومه - اذا كان هناك قرار بالقيلولة و يلتزمون أيضاً بالهدوء التام لمن لا يريد النوم . و في تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً يلتزم الجميع برشه و تدخل فترة الهدوء النسبي و بعد نصف ساعة تدخل فترة الهدوء التام ، و في تمام الساعة الثانية عشرة تطفأ آخر سيجارة ، يبدأ بعد ذلك الشفت اللّيلي عندهم و يمتد حتى الفجر و يُلزم به في كل ليلة اثنان يحددهم الموجه يقومان بمهمة الحفاظ على الشباب و حراستهم – حسب ما يدّعون - .. بالنسبة لحياتهم بشكل عام ، فهم ملتزمون بالطاعة ، يعيشون حياة طبيعية منهم من يلعب و منهم من يمارس الرياضة ، و منهم من يطالع و منهم من يتمشى و منهم من يقرأ القرآن ، و منهم من يضحك و ينكت و منهم من ينشد و يتفاعل … و هكذا ، و منهم المثقف و الأمي و العامل و الجامعي ، و منهم الشاب الصغير و العجوز الكبير ، وهم موزعون في أصولهم من كافة مناطق فلسطين من مدينة أو قرية – حسبما يعرّفون عن أنفسهم - ، يمنع عندهم منعاً باتاً التكلم بأي كلام فاحش أو لبس الشبّاح ، كما و يمنع منعا باتا أي احتكاك أو مشادة بين أي اثنين ، و انما يرفع أي أمر للشاويش أو الأمير الأمني و هم يحاسبون من يستحق المحاسبة ، و عندما يصل أي معتقل جديد عندهم يهتمون به كثيراً و يولونه عناية و رعاية و محبة خاصة ، فلا يترك ليجلس وحيدا ، و لا يترك لوحده سارحاً ، فيسيرون معه و يشاركونه آلامه و همومه و يخففون من مصابه … و هكذا ، و بعد استمرار الإحتكاك معهم لأيام أو لساعات تستطيع أن تعمل مع بعضهم علاقات قوية ، و تستطيع أن تستشعر من هو من تنظيمك و من هو من غيره بعد مرحلة الثقة ببعضهم ، حيث أنه يمنع أن يعرف تنظيم أي واحد منهم أو التكلم في القضية مع أي من الموجودين لأن هذا قسم ' فرز فصائلي ' تابع لقسم '7' في سجن مجدو و هو قسم استقبال كما كانوا يدّعون ، و ترى منهم من يتأثر في بعض الأحيان و يشعر بالضيق و ترى آثار ذلك على وجهه ، فتسأله ما المشكلة ؟! و تحاول أن تخفف من آلامه ، فمنهم من يجيبك أنه مشتاق الى أهله ، و منهم من يخبرك بأن والدته مريضة و تحتاج الى عملية … و هكذا ، كما أنهم يتفاعلون مع كل الأحداث و الأخبار على شاشة التلفاز ، و يفرحون للخبر الذي يفرحنا و يحزنون للخبر الذي أحزننا … و هكذا ، أما بالنسبة للصلوات الخمس فهم ملتزمون بها ، و عندهم في كل صلاة فجر دعاء قنوت يدعون فيه على اليهود و العملاء و المندسين ، و يجلسون بعد كل صلاة يسبحون و يستغفرون ، و لهم امام مفوّه يعلم الكثير بالأحكام الشرعية و يتقن تجوّيد القرآن الكريم بدرجة عالية ، و عنده ثقافة واسعة و هو دائم المطالعة و الكتابة ، و عنده قدرة عالية على إلقاء الخطب الحماسية ، سمعت عندهم خطب عن الجهاد و المجاهدة ، و عن الصبر و المصابرة ، و خطبة عن العمليات الإستشهادية التي يسمّيها علماء السلاطين بالإنتحارية ؟!!! ، لا يوجد عندهم أنانية أو بخل بالعطاء ، شعارهم العام الذي أطلقه الموجه في أكثر من مناسبة ' لا يوجد هنا أي غرض يسمى ملك خاص ' ، يقولون عن أنفسهم أن منهم من قضيته مطلوب له فيها مؤبدات ، و منهم ذوي الأحكام الخفيفة ، و منهم الموقوفون و منهم الإداري ، عندهم مكتبة متواضعة تحوي الكتب الثقافية و الدينية و العلمية ، و الأرشيف الذي يحتوي على صور للشهداء و الجرحى … و غيره ، * بإختصار يصطنعون أجواء أجمل من أن توصف بالطبيعية * ، بالنسبة للجلسات التي كانوا يقومون بها فهي متنوعة المواضيع و الأنظمة من الديني الى الثقافي الى السياسي الى الإداري … و هكذا . • و من الجلسات الدينية : جلسات في التفسير، جلسات في الفقه ، جلسات في التلاوة ، و قد كانت مثل هذه الجلسات يمنع فيها التدخين أو الطعام أو الشراب ، و يكون هناك تفاعل من قبل الحاضرين و أسئلة و استفسارات . • و من الجلسات الثقافية : جلسة تقام فيها المسابقات في المعلومات و يقسم فيها جميع الحضور الى فريقين ، و تطرح الأسئلة و يعلن الفائز في النهاية ، و كانوا يختارون أسماء مميزة لكل فريق كالأقصى و القسام و القدس … و غيرها . • و من الجلسات السياسية : جلسات حوار و نقاش في موضوع الساعة ، جلسات عن مستقبل الوضع في فلسطين ، جلسات في نقاش فساد السلطة ، و غيرها … بحيث يجب على كل شخص أن يبدي رأيه مهما كان سخيفاً هذا الرأي ، و يمنع نهائياً أن يستهزئ أحد برأي الآخر ، و لقد كانوا يبدون آرائهم في الجلسات من زوايا عدة ، فمنهم من يتكلم من وجهة نظر دينية ، و منهم من وجهة نظر وطنية أو قومية أو حزبية …الخ . و قد حدث في إحدى المرات نقاش حاد بين مدير الجلسة 'العصفور' و بين أحدهم حول النظام العراقي بعد ظلمه و سقوطه ، و كان محور الخلاف بأن هل يستحق كل هؤلاء الذين في السجون عند النظام العراقي كل هذا العذب ؟! فكان موقف مدير الجلسة بأن هذا ظلم للناس و إجرام بحق البشر ، و كان موقف الآخر التأييد لفعل النظام العراقي و تصرفاته لأن هؤلاء المساجين خون حاولوا أن ينقلبوا على النظام ، و كل خائن يستحق مثل هذا العقاب و يستحق أبشع أنواع القتل !!!!! . • و من الجلسات الإدارية : جلسات النقد و نقد الذات ، و هي جلسات يتكلم فيها كل فرد بحرية مطلقة بالسلبيات أو الإيجابيات أو المقترحات التي يريدها ، و ينتقد بكل حرية تصرفات الآخرين ، و تعرض في هذه الجلسات نتائج جهاز الرصد عندهم و الملاحظات التي جمعوها حول السرية ، و يراجع كل شخص بتصرفاته ، و إن لزم الأمر يأتيه كتاب مغلق من مجلس الشورى العام يحاسبه فيها ، و تصل الأمور في بعض الأحيان الى درجة العقاب ، و كان يحدث نقاش و انتقاد حاد بين عدد منهم في جلسات النقد ، ثم يقوم الموجه بالحكم بينهم بإنصاف و عدل و حكمة بالغة في اظهار الحق ، و لا يقبل الا بخروج الجميع من الجلسة اخوانا متحابين … و هكذا . مع العلم أن كل ما ذكر و ما سيأتي ذكره ليس ثابتاً في حياتهم و أساليبهم ، فهم يغيرون خططهم و تكتيكاتهم باستمرار ، فلا تجعل في ذهنك عنهم شكلاً محدداً أو أسلوباً معيناً . ثانياً : ما حدث معي و كيف استطاعوا كسب ثقتي : في اليوم الأول لدخولي عندهم تمشى معي أحد الشرفاء الذي جعلوه يقوم بدورهم دون أن يدري – بسبب غروره و حبه للمناصب – فأعلمني بأن هناك أميراً أمنياً و هو الوحيد المخوّل أن يسألني عن قضيتي ، و علي أن أتعامل معه و أعطيه كامل تاريخ حياتي حتى ولو كان ضربة حجر !! ، أجبته بأنه لا يوجد عندي شيء و أن المحققين أنفسهم تأكدوا من ذلك ، و قلت له بأنه لا يوجد عندي أي انضمام أو تأييد لأي فصيل ، فقال لي : لا ، لا ، إنتا لازم تقول للأمير الأمني كل شيء ، انتا خايف بتفكر أن هؤلاء عصافير ، و لكن هؤلاء كل واحد منهم مطلوب له حكم بالمؤبدات ، فقلت له لا خايف و لا إشي ، فش عندي إشي أخاف منه ، فقال لي طيّب ، ممكن يجلس معك الأمير الليلة ، ثم ذهب ، و بعد يومين و في الساعة التاسعة مساء أرسل في طلبي ما يدعى يالأمير الأمني لكي أجلس معه في الخيمة الأخرى البعيدة ، و عندما دخلت عليه قام لي و سلم علي و أجلسني الى جواره ، ثم سألني عن أخباري و عن صحتي ، و بعد ذلك سألني ' كم عمرك ؟ ، فأجبته (22) . فقال لي بأن هذا الجواب غير صحيح ! ، فغضبت و توترت عندما كذّبني ، فقال لي عندها 'يا أخي هذا ما مضى من عمرك !؟ و لكن كم عمرك فلا يعلم بذلك إلا الله !!؟ فقلت له متفاجئاً ' غلبتني بهاي ' ثم سألني عما أعرفه عن السجون و المعتقلات ؟ فقلت له لا شيء سوى أن الذي يعتقل يحاكموه و يضعوه في السجن ! ثم سألني ان كنت أعلم سبب وجود هذا القسم المستقل عن السجن الذي نحن فيه ؟ فقلت له لا أعلم ، فقال لي : أنا سأخبرك و أعرفك على كل شيء .. و بدأ يشرح : هذا القسم الذي نحن فيه هو قسم ' فرز و استقبال ' أي أن المعتقل عندما ينزل الى السجن و يدخل الساحة النضالية عليه أن يعيش تحت إطار تنظيمه أو تحت إطار أي تنظيم آخر يرعاه الى حين خروجه من السجن و هذا ما يسمى ' بالفرز ' ، و هذا القسم تم إيجاده حديثاً و كان الهدف و الغاية منه أنه في السابق كان المعتقل ينزل الى السجن و يدخل بين جميع المعتقلين مباشرة ، و الاخوة المعتقلون لا يعرفون حقيقة كل انسان ينزل عندهم ، و ان كانوا يعرفوه فهم لا يعرفون ما جرى بينه و بين المحقق فالمخابرات تعرض على كل معتقل أن يعمل معهم ! ، و بناء عليه كان يضطرالاخوة في الاقسام الداخلية الى وقف جميع الانشطة و الجلسات عندهم الى حين التحقق من أمره ، فقلنا : ليش نظل على هالحال ما نعمل خيمة مستقلة عن القسم من أجل استقبال الجدد نتأكد خلال فترة وجوده بها من شخصيته و وضعه الأمني و في نفس الوقت يتعلم الأخ النظام و القانون في السجن و يلتزم بها ، و بذلك يكون عندما يدخل بين اخوانه قد التزم و تعرف على القانون و النظام فيساعد ذلك بالتالي على استقرار السجن و كانت هذه حجتنا أمام الإدارة في الحاجة لوجود مثل هذا القسم الجديد _ و لم أستغرب مثل هذا الوضع في سجن كمجدو سمعة الإنفتاح فيه بلغت الآفاق _ ، و نكون قد تعرفنا على وضع المعتقل من الناحية الأمنية و حللنا شخصيته ، و في نفس الوقت تبقى جميع الأنشطة في الأقسام الداخلية تسير بشكل طبيعي ، و لهذا يخلو هذا القسم من البلفونات و غيرها من الخدمات . و قال لي : و أما بالنسبة لوضع السجن و القانون و النظام فيه فهو كالتالي : عندنا أعلى هيئة هي مجلس الشورىالعام والمشكل من كافة الفصائل ، و يتفرع عنه عدة لجان ، و هي كالتالي : اللجنة الثقافية : و مهمتها في اطار العمل الثقافي و الإشراف على إمتحانات التوجيهي و إقامة الدورات المختلفة في المجال الثقافي …الخ . اللجنة السياسية : و تعنى بآخر الأخبار و الأوضاع
الكاتب : د . سمير محمود قديح
إن هذه الحكاية هي إحدى حكايات آلاف المخدوعين ، و قصة من قصص ألوف من الضحايا الذين لم تجد مآسيهم من يسطر أحداثها إلا القليل ، و إن اشتركوا مع صاحب القصة في ضرب رؤوسهم بالجدران ، وفي صوت بكائهم يقطع صمت الزنازين بعد أن يقطع نياط القلوب . ولو كانت المأساة نتيجة ضعف الوعي الأمني لكان العلاج سهلاً ، لكن و كما سنرى في هذه الحكاية أن الأمر أبعد من ذلك ، لذا فإنني أرى علاجه من زاوية أشمل تضيف الى البعد الأمني بعداً آخر هو البعد الإيماني و يتركز في ضرورة مجاهدة النفس و تدريبها على الجوع بالصيام و السهر بالقيام و العزلة بالخلوة بالرب و التفكر في خلقه ، و الصمت بضبط اللسان و التخلص من آفاته . و لعل أبرز آفات اللسان هي إفشاء السر ، فما الذي يدفع الأخ على إفشاء سر أخيه أو إخوانه ، بغض النظر إن كان لحق بهم ضرر أو لم يلحق. و لقد أعجبني الوليد بن عتبة في وصيته عندما قال : ' من كتم سره كان الخيار إليه، و من أفشاه كان الخيار عليه '، و عليه فإن إفشاء السر خيانة إن كان فيه ضرر ، و لؤم إن لم يكن فيه ضرر . فما الذي يدفع الأخ أن يكون لئيماً على الأقل أو خائناً أو غبياً مغبوناً ، وهو يقدم الأسرار في جلسة ودية أو تحت ضغط ؟ و ماذا ينتظر الأخ الأسير من أمور تقنعه بعدم إفشاء أسراره أو أسرار إخوانه ؟ هل ينتظر حتى يكون موجهاً أمنياً يعظ الناس في أمر العصافير أو المنافقين حتى يضبط لسانه ؟ و الغريب أن البعض كان يقوم بهذا الدور و مع ذلك وقع ، هل ينتظر حتى يرى مسلسلات في موضوع تصرفاتهم … ثم ما الذي يمنع أن يطوّروا وسائلهم فماذا سيكون رده ؟ . إن بيت القصيد يتركز في أن يشغل الإنسان لسانه بذكر الله و العيش معه و أن يقتدي بزكريا و مريم في سنّهما سنّة الصمت في موضعه ' إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ' ... إن الذي يقوي هذه الفضيلة – فضيلة الصمت – هو تقوى الله عزوجل حتى يرى الأخ الأسير الحق حقا و الباطل باطلاً ، فلا تعود الأمور تنطلي عليه ، أو تخدع ألاعيبهم نفسه و بذلك تلتقي التوعية الإيمانية مع التوعية الأمنية في تشكيل شخصية الأخ المجاهد اليقظ الفطن اللبيب . نبذة سريعة عن العصافير و آثارهم : قال الله تعالى في كتابه العزيز : ' و من الناس من يقول آمنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين * يخادعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون الا أنفسهم و ما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ' ' البقرة 8-10 ' لمّا كانت النسبة الأعلى من اعترافات المجاهدين و المناضلين و المعتقلين في التحقيق تنتزع عن طريق العملاء المنافقين الذين يسمّون ' بالعصافير ' … حيث أنهم يخدعون المجاهد المعتقل متظاهرين أنهم من المعتقلين و يعيشون في أجواء مصطنعة بنفس أجواء المعتقلين و يطبقون أنظمتهم و طرق إدارتهم لشؤون حياتهم لكي يسهل التأثير على المجاهد و يكسبوه ثقتهم حتى يتكلم هو بما عنده أو يطالبوه هم بذلك ، و بطريقة و أخرى يقع كثير من المجاهدين في حبائلهم الا ما رحم ربك . لقد أُسست غرف العصافير في السبعينيات ، و سنة بعد سنة ازداد دور هذه الثلة و ازداد تأثيرهم فتكاً بالمجاهدين ، مما انعكس سلباً على قوة و فاعلية الجهاد على أرضنا المباركة ، رغم كل ما نراه من آثار طيبة لهذا الجهاد . فكم من المجاهدين و كم من المجموعات و الخلايا و كم من القادة كشفوا و لم يكن يعلم بهم الا الله ، رغم الإعتقال و التحقيق و التعذيب … و كم من العمل الجهادي المميز كشف و هو في طور الإعداد له أو قبل اللحظات الأخيرة من تنفيذه ، و لم يكن كل ذلك بحذاقة و جهود ضباط المخابرات و التحقيق و لكن في كثير من الأحيان كان بسبب هذه الثلة التي باعت نفسها للشياطين . و لهذا و من واقع التجربة المرّة حيث كنت أحد الضحايا الذين غرر بهم ، ارتأيت أن أكتب قصتي عندهم ، و هي واحدة من مئات القصص التي حدثت عندهم في أي مركز من مراكزهم الملتصقة و التابعة للسجون ، أستصرخ من خلالها كل العاملين و المخلصين في هذا الشعب العظيم أن يعوا جيداً هذا الشرك ، و أن يأخذوا دورهم بتوعية الشعب بأكمله إن أمكن دون الخضوع لرهبة المحاذير من القيام بذلك ، فإياكم و الخداع . و العاقل السعيد من اتعظ بغيره ، و العبر كثيرة لكن العبرة فيمن اعتبر . و ليكن شعار كل مجاهد أنه ليس لأحد أن يطلع على سره حتى و ان كان أكبر مسؤول تنظيمي ، و أن لا يتنازل أي مجاهد عن هذا المبدأ تحت أي تبرير من التبريرات أو شعار من الشعارات . قصتي عند المنافقين ' العصافير' بعد أن تم اعتقالي أنزلت الى التحقيق .. جلس معي ضباط التحقيق جولات عديدة و طويلة .. استعملوا كثيراً من الأساليب النفسية الصعبة من تهديد ووعيد و تحبيب و ترغيب .. و استعملوا بعض أنواع التعذيب الجسدي .. و لا نتيجة .. تركوني وحيداً في أماكن معزولة عن البشرية بأكملها ، في ظروف تفتقر الى أدنى الخدمات الإنسانية كالشمس و الهواء أو الإنارة و الماء أو حتى مكان لقضاء الحاجة ، و لا حتى لون من ألوان الطبيعة على جدرانها ليريح النظر ،، لم أكن لأعرف أين أنا و لا ما هو الوقت و لا حتى أن تعرف ان كنت في الليل من النهار … و لا شيء يدعو للأنس أو الألفة .. وبرغم ذلك كله ( لم يأخذوا نتيجة حقيقية ) .. و لكن عندما أنزلوني عند هؤلاء الخون ' العصافير ' لبثت بينهم ما يقارب ال 25 يوماً في خيم معتقل مجدو ، كنت قد افترضت من بدايتها أنهم عملاء 'عصافير' فعلاً …! و لكن ما حصل على أرض الواقع كان مختلفا تماما … كان لدي من المدعمات و المعلومات عنهم قبل النزول عندهم ما كان من المفترض أن يقيني عند معاشرتهم لكن التعامل بحسن النية و بطيب القلب كانت أهم العوامل التي أعمت بصيرتي و تحوّلت إلى نوع من السذاجة ، بالإضافة الى عدم قول 'لا' بالجرأة اللآزمة عند الحاجة إليها تحت وقع الحياء من تعاملهم الطيّب و تآكل الصبر في ظلال المسرحية المحكمة التي مثلوها لي و أقنعـوني بنقائــهم و صدقهم من خلالها و أوقعوا بي فيها. أهم التفاصيل المتعلقة بحياة العملاء ' العصافير' و طريقة دخولهم الى ما يخص قضيتي . أولاً : حياتهم العامة و طرق إدارتهم لها : إن إدارتهم لشؤون حياتهم منظمة بدرجة عالية .. فهم يستيقظون كل يوم قبل الفجر بثلث ساعة ، يتهيأ خلالها الجميع للصلاة بإستثناء من لا يريد أن يصلي - و هم قلّة - .. يُأذِّنون لكل صلاة و يصلون في جماعة ، و بعد الفجر يعود الجميع للنوم الى حين العدد – أي عندما يأتي الجنود للتأكد من عددنا – فيقوم الجميع و يجلس جلسة عدد و يقومون بتغطية شاشة التلفاز … و هكذا ، أي بنفس نظام المعتقلين ، و بعد ذلك يتموا نومهم ، و في تمام الثامنة و النصف صباحاً يلزم الجميع بالإستيقاظ ، و تكون القهوة و الشاي بإنتظار الشباب ، و يجهز بعد ذلك في التاسعة الفطور و يجلس الجميع معاً على مائدة واحدة .. و بنفس النظام في وقت الغداء و العشاء .. مواعيد منظمة يلتزم بها الجميع . و يتم توزيع الأدوار و المهمات وفق توجيهات ما يدعى بموجّه القسم عندهم .. الذي يجلي ، الذي ينظف ، الذي المسؤول عن الدورة و الحمامات ، الذي يعمل في جهاز الرصد ، الذي يقوم الليل ملزماً بالحراسة على الشباب ، الذي يخرج الى الزيارات ، … الخ . و من المناصب الرئيسة التي سمعت بها بينهم : الأمير الأمني : إختصاصه فقط بالمواضيع الأمنية و الجلوس مع المعتقلين الجدد ، و له نائب يساعده و يناوبه و يقوم بدور تكميلي . موجه القسم : و هو المسؤول عن القسم و عن جميع المسؤولين فيه و يتدخل في وقت الأزمات . شاويش الخيمة : و هو المسؤول عن إدارة شؤون السرايا و احتياجاتها المختلفة . المردوان : و هو - كما عرّفوه - البريد التنظيمي بين الأقسام ، و هو الذي يحمل و يدخل كل احتياجات الشباب ، و يتابع مع الجنود كل ما يحتاجونه من السرية . الإمام : و هو المكلف بإدارة شؤون الإمامة و خطب الجمع و الدروس و المحاضرات . … فيما بعد الظهيرة يُلزم الجميع بإلتزام بُرشه – أي فراشه و مكان نومه - اذا كان هناك قرار بالقيلولة و يلتزمون أيضاً بالهدوء التام لمن لا يريد النوم . و في تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً يلتزم الجميع برشه و تدخل فترة الهدوء النسبي و بعد نصف ساعة تدخل فترة الهدوء التام ، و في تمام الساعة الثانية عشرة تطفأ آخر سيجارة ، يبدأ بعد ذلك الشفت اللّيلي عندهم و يمتد حتى الفجر و يُلزم به في كل ليلة اثنان يحددهم الموجه يقومان بمهمة الحفاظ على الشباب و حراستهم – حسب ما يدّعون - .. بالنسبة لحياتهم بشكل عام ، فهم ملتزمون بالطاعة ، يعيشون حياة طبيعية منهم من يلعب و منهم من يمارس الرياضة ، و منهم من يطالع و منهم من يتمشى و منهم من يقرأ القرآن ، و منهم من يضحك و ينكت و منهم من ينشد و يتفاعل … و هكذا ، و منهم المثقف و الأمي و العامل و الجامعي ، و منهم الشاب الصغير و العجوز الكبير ، وهم موزعون في أصولهم من كافة مناطق فلسطين من مدينة أو قرية – حسبما يعرّفون عن أنفسهم - ، يمنع عندهم منعاً باتاً التكلم بأي كلام فاحش أو لبس الشبّاح ، كما و يمنع منعا باتا أي احتكاك أو مشادة بين أي اثنين ، و انما يرفع أي أمر للشاويش أو الأمير الأمني و هم يحاسبون من يستحق المحاسبة ، و عندما يصل أي معتقل جديد عندهم يهتمون به كثيراً و يولونه عناية و رعاية و محبة خاصة ، فلا يترك ليجلس وحيدا ، و لا يترك لوحده سارحاً ، فيسيرون معه و يشاركونه آلامه و همومه و يخففون من مصابه … و هكذا ، و بعد استمرار الإحتكاك معهم لأيام أو لساعات تستطيع أن تعمل مع بعضهم علاقات قوية ، و تستطيع أن تستشعر من هو من تنظيمك و من هو من غيره بعد مرحلة الثقة ببعضهم ، حيث أنه يمنع أن يعرف تنظيم أي واحد منهم أو التكلم في القضية مع أي من الموجودين لأن هذا قسم ' فرز فصائلي ' تابع لقسم '7' في سجن مجدو و هو قسم استقبال كما كانوا يدّعون ، و ترى منهم من يتأثر في بعض الأحيان و يشعر بالضيق و ترى آثار ذلك على وجهه ، فتسأله ما المشكلة ؟! و تحاول أن تخفف من آلامه ، فمنهم من يجيبك أنه مشتاق الى أهله ، و منهم من يخبرك بأن والدته مريضة و تحتاج الى عملية … و هكذا ، كما أنهم يتفاعلون مع كل الأحداث و الأخبار على شاشة التلفاز ، و يفرحون للخبر الذي يفرحنا و يحزنون للخبر الذي أحزننا … و هكذا ، أما بالنسبة للصلوات الخمس فهم ملتزمون بها ، و عندهم في كل صلاة فجر دعاء قنوت يدعون فيه على اليهود و العملاء و المندسين ، و يجلسون بعد كل صلاة يسبحون و يستغفرون ، و لهم امام مفوّه يعلم الكثير بالأحكام الشرعية و يتقن تجوّيد القرآن الكريم بدرجة عالية ، و عنده ثقافة واسعة و هو دائم المطالعة و الكتابة ، و عنده قدرة عالية على إلقاء الخطب الحماسية ، سمعت عندهم خطب عن الجهاد و المجاهدة ، و عن الصبر و المصابرة ، و خطبة عن العمليات الإستشهادية التي يسمّيها علماء السلاطين بالإنتحارية ؟!!! ، لا يوجد عندهم أنانية أو بخل بالعطاء ، شعارهم العام الذي أطلقه الموجه في أكثر من مناسبة ' لا يوجد هنا أي غرض يسمى ملك خاص ' ، يقولون عن أنفسهم أن منهم من قضيته مطلوب له فيها مؤبدات ، و منهم ذوي الأحكام الخفيفة ، و منهم الموقوفون و منهم الإداري ، عندهم مكتبة متواضعة تحوي الكتب الثقافية و الدينية و العلمية ، و الأرشيف الذي يحتوي على صور للشهداء و الجرحى … و غيره ، * بإختصار يصطنعون أجواء أجمل من أن توصف بالطبيعية * ، بالنسبة للجلسات التي كانوا يقومون بها فهي متنوعة المواضيع و الأنظمة من الديني الى الثقافي الى السياسي الى الإداري … و هكذا . • و من الجلسات الدينية : جلسات في التفسير، جلسات في الفقه ، جلسات في التلاوة ، و قد كانت مثل هذه الجلسات يمنع فيها التدخين أو الطعام أو الشراب ، و يكون هناك تفاعل من قبل الحاضرين و أسئلة و استفسارات . • و من الجلسات الثقافية : جلسة تقام فيها المسابقات في المعلومات و يقسم فيها جميع الحضور الى فريقين ، و تطرح الأسئلة و يعلن الفائز في النهاية ، و كانوا يختارون أسماء مميزة لكل فريق كالأقصى و القسام و القدس … و غيرها . • و من الجلسات السياسية : جلسات حوار و نقاش في موضوع الساعة ، جلسات عن مستقبل الوضع في فلسطين ، جلسات في نقاش فساد السلطة ، و غيرها … بحيث يجب على كل شخص أن يبدي رأيه مهما كان سخيفاً هذا الرأي ، و يمنع نهائياً أن يستهزئ أحد برأي الآخر ، و لقد كانوا يبدون آرائهم في الجلسات من زوايا عدة ، فمنهم من يتكلم من وجهة نظر دينية ، و منهم من وجهة نظر وطنية أو قومية أو حزبية …الخ . و قد حدث في إحدى المرات نقاش حاد بين مدير الجلسة 'العصفور' و بين أحدهم حول النظام العراقي بعد ظلمه و سقوطه ، و كان محور الخلاف بأن هل يستحق كل هؤلاء الذين في السجون عند النظام العراقي كل هذا العذب ؟! فكان موقف مدير الجلسة بأن هذا ظلم للناس و إجرام بحق البشر ، و كان موقف الآخر التأييد لفعل النظام العراقي و تصرفاته لأن هؤلاء المساجين خون حاولوا أن ينقلبوا على النظام ، و كل خائن يستحق مثل هذا العقاب و يستحق أبشع أنواع القتل !!!!! . • و من الجلسات الإدارية : جلسات النقد و نقد الذات ، و هي جلسات يتكلم فيها كل فرد بحرية مطلقة بالسلبيات أو الإيجابيات أو المقترحات التي يريدها ، و ينتقد بكل حرية تصرفات الآخرين ، و تعرض في هذه الجلسات نتائج جهاز الرصد عندهم و الملاحظات التي جمعوها حول السرية ، و يراجع كل شخص بتصرفاته ، و إن لزم الأمر يأتيه كتاب مغلق من مجلس الشورى العام يحاسبه فيها ، و تصل الأمور في بعض الأحيان الى درجة العقاب ، و كان يحدث نقاش و انتقاد حاد بين عدد منهم في جلسات النقد ، ثم يقوم الموجه بالحكم بينهم بإنصاف و عدل و حكمة بالغة في اظهار الحق ، و لا يقبل الا بخروج الجميع من الجلسة اخوانا متحابين … و هكذا . مع العلم أن كل ما ذكر و ما سيأتي ذكره ليس ثابتاً في حياتهم و أساليبهم ، فهم يغيرون خططهم و تكتيكاتهم باستمرار ، فلا تجعل في ذهنك عنهم شكلاً محدداً أو أسلوباً معيناً . ثانياً : ما حدث معي و كيف استطاعوا كسب ثقتي : في اليوم الأول لدخولي عندهم تمشى معي أحد الشرفاء الذي جعلوه يقوم بدورهم دون أن يدري – بسبب غروره و حبه للمناصب – فأعلمني بأن هناك أميراً أمنياً و هو الوحيد المخوّل أن يسألني عن قضيتي ، و علي أن أتعامل معه و أعطيه كامل تاريخ حياتي حتى ولو كان ضربة حجر !! ، أجبته بأنه لا يوجد عندي شيء و أن المحققين أنفسهم تأكدوا من ذلك ، و قلت له بأنه لا يوجد عندي أي انضمام أو تأييد لأي فصيل ، فقال لي : لا ، لا ، إنتا لازم تقول للأمير الأمني كل شيء ، انتا خايف بتفكر أن هؤلاء عصافير ، و لكن هؤلاء كل واحد منهم مطلوب له حكم بالمؤبدات ، فقلت له لا خايف و لا إشي ، فش عندي إشي أخاف منه ، فقال لي طيّب ، ممكن يجلس معك الأمير الليلة ، ثم ذهب ، و بعد يومين و في الساعة التاسعة مساء أرسل في طلبي ما يدعى يالأمير الأمني لكي أجلس معه في الخيمة الأخرى البعيدة ، و عندما دخلت عليه قام لي و سلم علي و أجلسني الى جواره ، ثم سألني عن أخباري و عن صحتي ، و بعد ذلك سألني ' كم عمرك ؟ ، فأجبته (22) . فقال لي بأن هذا الجواب غير صحيح ! ، فغضبت و توترت عندما كذّبني ، فقال لي عندها 'يا أخي هذا ما مضى من عمرك !؟ و لكن كم عمرك فلا يعلم بذلك إلا الله !!؟ فقلت له متفاجئاً ' غلبتني بهاي ' ثم سألني عما أعرفه عن السجون و المعتقلات ؟ فقلت له لا شيء سوى أن الذي يعتقل يحاكموه و يضعوه في السجن ! ثم سألني ان كنت أعلم سبب وجود هذا القسم المستقل عن السجن الذي نحن فيه ؟ فقلت له لا أعلم ، فقال لي : أنا سأخبرك و أعرفك على كل شيء .. و بدأ يشرح : هذا القسم الذي نحن فيه هو قسم ' فرز و استقبال ' أي أن المعتقل عندما ينزل الى السجن و يدخل الساحة النضالية عليه أن يعيش تحت إطار تنظيمه أو تحت إطار أي تنظيم آخر يرعاه الى حين خروجه من السجن و هذا ما يسمى ' بالفرز ' ، و هذا القسم تم إيجاده حديثاً و كان الهدف و الغاية منه أنه في السابق كان المعتقل ينزل الى السجن و يدخل بين جميع المعتقلين مباشرة ، و الاخوة المعتقلون لا يعرفون حقيقة كل انسان ينزل عندهم ، و ان كانوا يعرفوه فهم لا يعرفون ما جرى بينه و بين المحقق فالمخابرات تعرض على كل معتقل أن يعمل معهم ! ، و بناء عليه كان يضطرالاخوة في الاقسام الداخلية الى وقف جميع الانشطة و الجلسات عندهم الى حين التحقق من أمره ، فقلنا : ليش نظل على هالحال ما نعمل خيمة مستقلة عن القسم من أجل استقبال الجدد نتأكد خلال فترة وجوده بها من شخصيته و وضعه الأمني و في نفس الوقت يتعلم الأخ النظام و القانون في السجن و يلتزم بها ، و بذلك يكون عندما يدخل بين اخوانه قد التزم و تعرف على القانون و النظام فيساعد ذلك بالتالي على استقرار السجن و كانت هذه حجتنا أمام الإدارة في الحاجة لوجود مثل هذا القسم الجديد _ و لم أستغرب مثل هذا الوضع في سجن كمجدو سمعة الإنفتاح فيه بلغت الآفاق _ ، و نكون قد تعرفنا على وضع المعتقل من الناحية الأمنية و حللنا شخصيته ، و في نفس الوقت تبقى جميع الأنشطة في الأقسام الداخلية تسير بشكل طبيعي ، و لهذا يخلو هذا القسم من البلفونات و غيرها من الخدمات . و قال لي : و أما بالنسبة لوضع السجن و القانون و النظام فيه فهو كالتالي : عندنا أعلى هيئة هي مجلس الشورىالعام والمشكل من كافة الفصائل ، و يتفرع عنه عدة لجان ، و هي كالتالي : اللجنة الثقافية : و مهمتها في اطار العمل الثقافي و الإشراف على إمتحانات التوجيهي و إقامة الدورات المختلفة في المجال الثقافي …الخ . اللجنة السياسية : و تعنى بآخر الأخبار و الأوضاع
التايجر نضال عنايا- عدد المساهمات : 9
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمر : 34
رد: أساليب الشاباك جهاز الامن الصهيوني في نزع المعلومات
مشكوووووووورر اخي
وحوش القذافي- عدد المساهمات : 158
تاريخ التسجيل : 26/01/2009
رد: أساليب الشاباك جهاز الامن الصهيوني في نزع المعلومات
مشكووور على الموضع
تقبل مروري
تقبل مروري
الصياد(عاشقـ فارسـ الليلـ- عدد المساهمات : 9
تاريخ التسجيل : 09/09/2010
العمر : 35
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى